الزمن ليس عدوك
- علي الغبيشي
- قبل يومين
- 2 دقيقة قراءة

كثيرًا ما ننظر إلى الزمن كعدو متربص بنا، نراقب مرور الأيام بقلق، ونشعر بالخسارة مع كل لحظة تمضي دون أن نحقق ما نريده، فنحمل أنفسنا فوق طاقتها ونجلدها تحت شعار “لقد تأخرنا”.
لكن رواية مجلس الهوية تعلّمنا أن الزمن ليس عدو الإنسان، بل هو معمله الذي تتشكل فيه ملامح الهوية ببطء وهدوء، دون ضجيج أو استعجال.
في كل فصل من الرواية، يمر البطل بلحظة إدراك عميقة مرتبطة بالزمن:
– لحظة يتمنى فيها أن يوقف الزمن ليحافظ على لحظة صفاء.
– لحظة يشعر أن الزمن قد تأخر في منحه ما يريد.
– ولحظة يدرك فيها أن الزمن لم يتأخر يومًا، بل كان يمهّد قلبه وعقله ليستقبل الحقيقة في وقتها المناسب.
🌿 الزمن معلم صبور
في الواقع، الزمن لا يعاندك، ولا يعمل ضدك، بل هو “معلم صبور” يعلمك كيف تفهم نفسك وحياتك خطوة بخطوة. الخسارات التي نظن أنها أهدرت وقتنا، هي التي صنعت داخلنا الصلابة والمرونة معًا.
الأشياء التي تأخرت، لم تكن لتناسبك لو جاءت في وقت مبكر، والمواقف التي مرت بسرعة لم يكن الهدف منها البقاء، بل المرور لتترك فيك أثرًا يكمل تكوينك.
🌿 الذكريات ليست سجنًا
رواية مجلس الهوية تؤكد أن الذكريات ليست سجنًا يحبسنا في الماضي، بل هي أدراج نفتحها عندما نحتاج إلى ما بداخلها من حكمة وتجربة، نأخذ منها ما يفيدنا ونترك ما يؤذينا، لنسير بخفة في رحلتنا القادمة.
حين نرى الزمن بهذه الطريقة، نتحرر من ثقل الأيام التي مرت، ونعيش اللحظة الحاضرة بوعي كامل، دون أن نعطّل أنفسنا بلوم الماضي أو الخوف من المستقبل.
🌿 اللحظة الحاضرة: المكان الحقيقي لصناعة الهوية
بين الماضي الذي لا يعود، والمستقبل الذي لم يأتِ بعد، تكمن اللحظة الحالية التي نعيشها الآن. هذه اللحظة هي المكان الحقيقي الذي تُصنع فيه الهوية.
في كل خيار تتخذه اليوم، وفي كل فكرة تدور في عقلك، أنت تُعيد تشكيل ذاتك.
كل لحظة وعي، وكل لحظة صبر، وكل قرار صغير تأخذه في يومك، هو لبنة تضعها في بناء هويتك.
📌 كيف تتصالح مع الزمن في حياتك؟
1️⃣ توقّف عن مقارنة نفسك بالآخرين، لأن لكل إنسان زمنه الخاص.
2️⃣ تعامل مع كل لحظة وكأنها فرصة لاكتشاف جديد عن نفسك.
3️⃣ سامح نفسك على التأخر، فربما كان تأخرك حفظًا لك من أمر لم تكن جاهزًا له.
4️⃣ اجعل من الذكريات كتابًا للتعلم، لا قيدًا يمنعك من السير.
5️⃣ ذكّر نفسك دائمًا: “ما زلت أملك الآن، والآن يكفي لصناعة الفرق.”
🌿 العلاقة بعلم الهوية البنيوية الكلية
علم الهوية البنيوية الكلية لا يفصل الهوية عن الزمن، بل يدرس الهوية باعتبارها كائنًا حيًا ينمو ويتطور عبر الزمن، ويربط بين مسار الزمن ومسار الذاكرة لتكوين “الهوية الواعية”.
الرواية، من خلال أحداثها ولحظات الصمت والتأمل التي يعيشها البطل، تُهيئ القارئ لفهم هذا الرابط بين الزمن والهوية، ليبدأ في تقدير رحلته الشخصية واحترام مساره دون جلد أو تسرع.
🌻 خاتمة:
الزمن ليس عدوك، بل هو رحلتك نحو نفسك، فكن صديقًا له، ولا تخف من بطئه، لأن كل لحظة فيه تحمل رسالة لبناء ذاتك، وتصنع فيك وعيًا لم تكن تملكه بالأمس، وتهيئك لخطوة لم تكن مستعدًا لها من قبل.
“هل تشعر أحيانًا أن الزمن ضدك؟ كيف غيّرت نظرتك للزمن بعد تجربة مررت بها؟”
Comments