top of page

بين الصمت والصوت

في رواية مجلس الهوية، يظهر الصمت كأنه شخصية مستقلة، له هيبته، وله حضوره الذي يفرض نفسه على بطل الرواية في لحظات محددة. الصمت هنا ليس غياب الكلام فحسب، بل هو لغة أخرى لا يسمعها إلا من قرر الإنصات لنفسه. في اللحظات التي يسكن فيها بطل الرواية بعيدًا عن الضجيج، تبدأ الأسئلة بالظهور، لا بأسئلة الآخرين عنه، بل بأسئلته الصادقة مع نفسه:


  • ما الذي أعيشه فعلًا؟

  • هل أسير في الطريق الذي أريده؟

  • هل ما أقوم به يوميًا يعبر عن حقيقتي أم أعيش حياة الآخرين دون أن أشعر؟


هذه الأسئلة لا تظهر إلا عندما يسكن الصوت الخارجي، ويعلو صوت النفس الداخلية في الصمت. هنا نكتشف أن الصمت لا يعني الفراغ، بل يعني الامتلاء، الامتلاء بالوعي، والامتلاء بالحقيقة.



🌿 الصمت يفضح الضجيج الداخلي

في صخب الحياة، نعتقد أننا بخير، ونعتقد أن الضحكات السريعة والمجاملات اليومية كافية لطمأنة قلوبنا، ولكن حين نصمت، نكتشف كم نحن بعيدون عن أنفسنا. الصمت في الرواية كان بمثابة مرآة لبطلها، يرى فيها ما لا يريد أن يراه أحيانًا، يرى خوفه من القرارات التي يؤجلها، يرى رغباته الحقيقية التي دفنها، ويرى ضعفه الذي يستره بالصخب.


🌿 بين الصمت والصوت: توازن ضروري

الرواية تعلمنا أن الإنسان لا يحتاج أن يبقى صامتًا دائمًا، كما لا يحتاج أن يكون في ضجيج دائم، بل يحتاج إلى التوازن. يحتاج أن يعرف متى يسكت ليسمع صوته الداخلي بوضوح، ومتى يتكلم ليعبر عن هذا الصوت الداخلي. كثير من الناس يملأون حياتهم بالأصوات الخارجية؛ الإعلام، النقاشات، الحديث المستمر، فقط ليهربوا من الصمت، لأنهم يخافون مما سيقول لهم هذا الصمت.

ولكن الحقيقة أن الصمت لا يُخيف، بل هو باب للصدق، وبوابة للاطمئنان إذا كان الإنسان مستعدًا لمواجهة نفسه.


📌 كيف تطبق ذلك في حياتك؟

1️⃣ خصص وقتًا يوميًا أو أسبوعيًا للصمت، دون هاتف أو موسيقى أو تواصل.

2️⃣ اجلس في مكان هادئ، واسأل نفسك: “كيف أشعر الآن حقًا؟”

3️⃣ استمع لصوت أفكارك ومخاوفك دون محاولة الهروب منها.

4️⃣ بعد هذه اللحظة، دوّن ما شعرت به وما تعلمته.

5️⃣ اخرج من هذه اللحظة بالصوت الحقيقي الذي يستحق أن يُقال، وابدأ باتخاذ خطوة عملية تعبر عن صوتك الحقيقي.


🌿 العلاقة بعلم الهوية البنيوية الكلية:

علم الهوية البنيوية الكلية يهدف إلى بناء وعي الإنسان بذاته وهويته، والصمت هو أول وسيلة لفهم هذه الهوية. كيف ستعرف هويتك إن لم تمنح نفسك فرصة للاستماع إليها؟ الرواية تعطي القارئ تدريبًا عمليًا لفهم نفسه من خلال لحظات الصمت التي يمر بها بطل الرواية، ليكون قارئها على وعي بأن رحلة الهوية لا تبدأ بصوت الآخرين، بل بصوتك في صمتك.


🌻 خاتمة:

بين الصمت والصوت، يولد الإنسان من جديد، حين يختار أن يواجه نفسه، ويسمع صوته الحقيقي، ليبدأ في بناء هويته بوعي وصدق، بعيدًا عن الزيف والضجيج.


“متى آخر مرة سمعت فيها صوت نفسك في الصمت؟ وماذا قال لك؟”

Comments


bottom of page