ما هي الهوية؟ ولماذا لا نفهمها جيدًا؟
- علي الغبيشي
- 9 يوليو
- 2 دقيقة قراءة

الهويّة… الكلمة التي يعرفها الجميع ويُسيء استخدامها الجميع
نستخدم كلمة "هوية" يوميًا: في بطاقة الأحوال، في الانتماء الوطني، في النقاشات الفكرية، وحتى في صراعات المجتمعات. لكن… كم منا وقف لحظة وسأل:
ما هي الهوية فعلًا؟ هل هي تعريف؟ شعور؟ انتماء؟ شكل؟ رقم؟ علاقة؟ أم كل ذلك؟
وهل نفهمها كما يجب… أم أننا نتعامل مع شبح لغوي نحمله في كل موضع ونمنحه كل معنى إلا معناه الحقيقي؟
الخلل الأول: "الهوية" ليست ما نقوله عنها، بل ما نقوم به من خلالها
أغلب تعريفات الهوية تدور حول "من أنا؟" لكن السؤال الأهم قد يكون:
"كيف أكون أنا؟"
الهوية لا تُختصر في الاسم والجنسية والمظهر والمعتقد… بل هي: بنية مركّبة من الوعي، والسلوك، والتفاعل، والزمن، واللغة، والتكرار.
هي ليست شيء نملكه، بل شيء نحن في حالة مستمرة من تكوينه أو فقدانه.
الخلل الثاني: خلط بين الهوية والواجهة
نظن أن الهوية هي ما نُظهره للناس، لكن في الحقيقة، ما نُظهره هو الواجهة الاجتماعية، أو القشرة المسموحة.
أما الهوية الحقيقية فهي:
ما نتفاعل به تحت الضغط،
ما يتكرر منّا بلا وعي،
ما يُشكّل اختياراتنا العميقة،
ما نحاول الدفاع عنه أو إخفاءه حين نُهدَّد.
الهوية ليست العرض… بل الجذر.
الخلل الثالث: التعامل مع الهوية كشيء ثابت
سؤال الهوية عادة ما يُطرح بصيغة جامدة: "من أنا؟" لكن من قال إن "الأنا" ثابتة أصلاً؟
الهوية تتحول، تتغير، تُصاب بالتشظي، تنقسم، تنضج، تُهاجر… أو تنقرض.
نحن لسنا نسخًا متطابقة من أنفسنا على مدار الزمن، والوعي بذلك هو بداية فهم الهوية كـ مسار، لا وصف.
الهوية كمجال علمي لم يُبْنَ بعد
رغم كل ما كُتب عن الهوية، إلا أن العالم العربي والإسلامي لم يُنتج بعد نظرية معرفية شاملة تقول:
ما هي الهوية؟
كيف تتكوّن؟
ما أنماطها؟
كيف نقيسها؟
كيف نحميها؟
وكيف نحاسبها أو نُنمّيها؟
ولهذا بدأت مشروعي البحثي في "نظرية أنماط الهوية"، لا لأعيد تعريف الهوية فقط، بل لأُعيد هندستها علميًا.
لنفكر قبل أن ننتمي
الهوية ليست شعارًا نرفعه… بل مرآة نواجه بها أنفسنا أولًا.
ولعلنا إن أردنا تأسيس وعي جديد بالهوية، نحتاج أن نصمت قليلًا أمام هذا السؤال: "ما الذي يشكّلني فعلًا؟ ومن أين جاء؟ وإلى أين يدفعني؟"
فإذا بدأنا من هنا… فقد بدأنا الطريق الصحيح نحو فهم الهوية كما ينبغي.
Comentários